محمد خاتم الأنبياء

حسب المزاعم الدينية فإن الإله خلق الكون والكائنات وهو يعلم سلفاً كل ما سوف يحدث، ومع ذلك قام بعمل مؤامرة صغيرة للاحتيال على آدم وحواء حتى يتمكن من طردهما من الجنة بعذر أنهم أخطآ الخطأ الذي كان يعلم أنهما سوف يقترفانه!..وبالتالي صار لهما ذرية غفيرة يمكن لله من خلالهم أن ينفذ مشيئته في الاختبار والجزاء والعقاب.

جيد..والآن لكي يقوم بهذا يجب أن يعرف البشر بالموضوع، وهو مختفي لا يمكن لأحد منهم التواصل معه، لهذا قرر أن يتعامل معهم من خلال رسل من البشر!..الله الواسع القدرة لم يجد أي وسيلة أكثر فاعلية وموثوقية إلا الوشوشة إلى إنسان ما يختاره لهذا الغرض بسرية تامة ثم يكلفه بإيصال الرسالة إلى الناس مع جزاء من يصدقه وعقاب من يكذبه، العجيب أن لا أحد من المؤمنين يتسائل لماذا يرسل الله بشراً إلينا وهو أصلاً قرر ألا يتواصل معنا مباشرة؟ لماذا لا يوصل رسالته إلينا بنفسه أو عن طريق أحد كائناته الخفية العجيبة أو لا يفعل على الإطلاق..بدلاً من هذه الطريقة البدائية القابلة للتشكيك بسهولة التي اتبعها في إيصال رسائله المزعومة.
المهم..أن هؤلاء الرسل عددهم كبير ولا يمكن تحديده على وجه الدقة، ويتضح لنا من خلال ذلك مدى حماسة الله لطريقته وتمسكه بها رغم فشلها المتكرر في إرساء دين موحد له على الأرض، فكان يرسل الرسول تلو الآخر دون كلل أو ملل، بل وصل به الأمر أن يرسل الرسولين في نفس الوقت ( إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون) دون أن يحاول ابتداع أي فكرة أخرى مغايرة وأكثر فاعلية، وذلك تطبيقاً للآية (سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلاً) وهكذا استمر الله في تطبيق سنته التي لن تجد لها تحويلاً حسب زعمه، حتى جاءت لحظة قرر فيها الله أن يرسل رسولاً أخيراً لا رسول بعده، وبهذا قام بالتحول عن سنته التي قال اننا لن نجد لها تحويلاً!

ورد في القرآن (ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) وبالنظر إلى الوضع الحالي نجد أن الأمد قد طال والقلوب قد قست والفاسقون كثروا وفقاً للتصوير القرآني الهزيل هذا، ألم يحن لك يا الله أن ترسل نبياً جديداً؟!
إن رسالتك الختامية المتكاملة المحكمة وحتى الآن لا يتعدى عدد معتنقيها نسبة ضئيلة من سكان العالم ملأى بكثير من الفرق والمذاهب والخلافات وكل فريق يعتبر نفسه الناطق الرسمي باسمك والآخرون على خطأ فلماذا لا تقوم بحسم الأمور كما تعودت فيما مضى؟ كل الدواعي التي ادعى الأنبياء أنك أرسلتهم من أجلها متوافرة بكثرة اليوم لكنك _واسمح لي_ أصبت باللامبالاة نتيجة تبلد حاد في الشعور.

لا شيء يميز محمد عن سواه، فهو عاش نحو 60 سنة قضى أكثرها دون نبوة، وتكلم بلغة واحدة وتعامل مع عدد محدود جداً من البشر مقارنة بالملايين الذين أرسل إليهم! فلماذا لم يتلوه الله بنبي آخر لاستكمال المهمة والالتزم بالسنة الإلهية غير القابلة للتحويل؟
قد يقول قائل أن الله توقف عند محمد لأنه اعتبر الإسلام دين متكامل ولا داعي للمزيد، وهذا يثير سؤال فوري: هل الرسائل السابقة لم تكن متكاملة وبحاجة إلى مزيد؟ فإن قيل بل تعرضت للتحريف والتشويه ثار تساؤل إضافي ولماذا يسمح الله بتعرضها لذلك من الأصل؟ هل فشل في الحفاظ عليها ويوفر على نفسه وباقي الانبياء المتاعب؟

ثم إذا سلمنا جدلاً أن كافة ديانات الرسل السابقين قد تعرضت للتحريف مما استدعى رسالة خاتمة محكمة ألم يكن يعلم الله بذلك سلفاً؟..أليس الأجدى أن تكون رسالته الأولى هي المحكمة وانتهينا؟!..هل تميزت الرسالة الأخيرة عن الأخريات السابقات بأي شيء يخولها أن تكون خاتمة؟.
إنني أوجه هذه الأسئلة للمؤمنين أما أمثالي فلا نؤمن بإله الأديان وأنبياءه من الأصل، لكن على المؤمن بأن الله يتبع هذه الطريقة البدائية بتخصيص شخص لحمل رسالته وأن الله صاحب موديلات من الأديان وتوقف عند الإسلام كآخر صرعة..عليه أن يعيد التفكير في المسألة بتجرد وسيلاحظ أن إرسال الأنبياء بالجملة في حقب زمنية متقاربة تاريخياً ولأسباب ودواعي لازالت مستمرة وأكثر إلحاحاً ثم التوقف بغتة هو تصرف في أكثر الأوصاف موضوعية غير مبرر.

يقول محمد (كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلّما هلك نبيّ خلفه نبيّ، ولكن لا نبيّ بعدي فسيكونون خلفاء فيكثرون) محمد يرفض أن يكون هناك أي نبي بعده وكأنه يتحسب لما سوف يجري وأراد قطع الطريق عليه سلفاً، ولولا أنه ادعى وأكد أنه آخر نبي لربما نجحت كثير من محاولات النبوة التي أجريت في ذات وسطه الاجتماعي المؤمن به.
يحكى انهم (جاءوا بمتنبيء كذاب إلى المأمون فقال له: تدعي النبوة يا عدو الله ومحمد خاتم النبيين والمرسلين؟ قال المدعي: اختبرني، قال المأمون: هل هذا موسم البطيخ؟ أجاب المدعي: لا، هذا فصل الشتاء والبطيخ محصول الصيف، قال المأمون: أريد بطيخة هذه الساعة، قال النبي الكاذب: إذن يمهلني مولاي ثلاثة أيام، قال المأمون: ما أريدها إلا الساعة، قال: ما أنصفتني يا أمير المؤمنين، إذا كان الله تعالى الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ما يخرجه إلا في ثلاثة أشهر، فما تصبر أنت عليّ ثلاثة أيام! فضحك منه وأطلق سراحه).
رد منطقي ساخر، ولو كان محمد مكان هذا المتنبيء أمام المأمون أما كان سوف يفشل في ذات الامتحان بأن لا يأتي بالبطيخ لا هو ولا الله بالقول أنه ليس إلا بشراً رسولاً.. فيُضحك منه ويُطلق سراحه؟.. لولا أنه سبق ثم ادعى أن لا نبي بعده.

سلام للعقلاء

شارك الآخرين